لعلّك تساءلت عن سبب طلب المدرسين من الطلاب تحضير العروض التقديمية لجزء معين من المادة والقيام بشرحها للطلاب. ما المغزى من ذلك؟ ولماذا يتوقعون منك شرح المادة بطريقة جيدة؟
في الحقيقة تعد هذه الطريقة إحدى طرق التعلم والتي تُعرف بالتعلم عن طريق التعليم أو التدريس. فما هي هذه الطريقة وما فوائدها وتأثيرها على الطلاب الذين يمارسونها؟
هو نمط من التعلم حيث يُتوقع من الطلاب فهم المواد ثم إعداد العروض التقديمية من أجل تعليم الطلاب ما قاموا بتعلمه. وهو ما يُعرف أيضًا بـ "تأثير بروتيجي (The protégé effect)"؛ وهي ظاهرة نفسية حيث يساعد التدريس أو التظاهر بالتدريس أو التحضير لتعليم المعلومات للآخرين على تعلم تلك المعلومات بصورة أفضل.
كما تهدف هذه الطريقة إلى مساعدة الطالب الذي يقوم بتقديم العرض على تعزيز فهمه للمادة، كما تشجع الطلاب على القيام بدور المعلم من أجل تعزيز تجربة التعلم من خلال التعاون وبالتالي بناء مهاراتهم في التواصل والإبداع.
يرتبط تأثير بروتيجي في المقام الأول بالسياق الأكاديمي، لكن من الممكن أن يفيدك أيضًا في مجموعة متنوعة من البيئات الأخرى غير الأكاديمية، كما يلي:
يساعدك التعلم بالتعليم على تعلم المعلومات بشكل أفضل نتيجة للعديد من الآليات النفسية، والتي تدور حول الاختلافات بين كيفية تعلمنا للمعلومات عندما نتعلم لأنفسنا مقارنة بكيفية تعلمنا للمعلومات عندما نتوقع تعليمها للآخرين.
يمكن أن يؤدي توقع التدريس وتعليم الآخرين إلى زيادة المعالجة ما وراء المعرفية، مما يجعل الأشخاص أكثر وعيًا بعملية التعلم الخاصة بهم.
يمكن أن يؤدي توقع التدريس وتعليم الآخرين إلى زيادة استخدام استراتيجيات التعلم الفعال مثل تنظيم المواد الدراسية والبحث عن المعلومات والنقاط الرئيسة لمواضيع معينة.
يمكن أن يؤدي توقع التدريس وتعليم الآخرين إلى زيادة الحافز للتعلم، حيث يبذل الأشخاص في كثير من الأحيان جهدًا أكبر للتعلم لمن سيقومون بتدريسهم أكثر مما يفعلون لأنفسهم.
يمكن أن يؤدي توقع التدريس وتعليم الآخرين إلى زيادة الشعور بالكفاءة والاستقلالية من خلال تشجيع الأشخاص على النظر إلى أنفسهم على أنهم يلعبون دور المعلم بدلًا من الطالب.
تم إثبات تأثير التعلم عن طريق التعليم في العديد من الدراسات؛ حيث أن الطلاب الذين يقضون وقتًا في تدريس ما تعلموه يُبدون فهمًا أفضل للمادة، كما أنهم يميلون للاحتفاظ بالمعرفة بشكل أكبر من الطلاب الذين يتلقون المعلومات فحسب.
تشير أحد الدراسات في مجال علم النفس المعرفي التطبيقي إلى أن التدريس يحسن تعلم المعلم لأنه يجبر المعلم على استرداد ما سبق دراسته، كما لو كان يقدم اختبارًا، وذلك لأنه عندما يتم إخبار الطلاب بأنهم سيضطرون إلى تدريس شيء ما فسوف يستعدون لفعل ذلك بشكل أفضل. كذلك عندما يبدأ زملاؤهم بطرح الأسئلة عليهم سوف يساعدهم ذلك على بناء المعرفة من خلال تحفيزهم على البحث لتصحيح الفهم لنقطة معينة في المادة، وذلك من شأنه بناء معنى أعمق وفهم طويل المدى للمادة.
هناك ثلاث طرق رئيسية يمكنك من خلالها استخدام تأثير بروتيجي لتسهيل عملية التعلم الخاصة بك:
عليك تعلم المادة جيدًا بما يكفي بحيث تشعر بالراحة عند شرحها لشخص آخر لاحقًا، والعثور على إجابات للأسئلة المحتملة التي قد يطرحها عليك الآخرون حول الموضوع.
كلما كان هذا أكثر واقعية كلما زادت استفادتك بشكل أكبر لذلك قد يكون من المفيد بذل جهد لتصور هذا والقيام بذلك بصوت عالٍ والتظاهر بأن الشخص الذي تقوم بتدريسه المادة يطرح عليك أسئلة معينة حولها.
يتضمن هذا في الواقع مقابلة أشخاص آخرين وتعليمهم. وعلى الرغم من أن هذه الطريقة تتطلب الجهد الاكبر إلا أنها تؤدي إلى أكبر الفوائد.
علاوة على ذلك فإن التعلم بالتعليم يعمل على تحسين مهارات التواصل وزيادة الثقة وتحسين القدرات القيادية وغيرها من الفوائد. وذلك عندما ندرس يمكننا أن نخدع أنفسنا في التفكير في أننا تعلمنا كل ما نحتاج إلى معرفته. وقد نقوم ببعض التمارين ونحرز نتائج جيدة في بعض الاختبارات. لكن هل نفهم حقًا ما نتعلمه؟
في الحقيقة يمنع تعليم الآخرين إمكانية خداع الذات ويُظهر لنا مقدار ما نعرفه ومدى فهمنا له.
كتابة: يارا بوشناق
مراجعة: منى الحجايا
المراجع