لا أبرح حتى أبلغ!

2021-11-13
حسام إسماعيل

أخفقت في كلٍ من الفصل الأول والثاني

كنت أذهب مع أختي إلى الجامعة وفي هذه الاوقات كنت بالصف التاسع وكان لدي حلمٌ بلا هدف وإدارة بلا شغف لأكون أحد طلاب الجامعة الاردنية خاصة و الأقدار المكتوبة التقطت يوماً صورة لي تحت كلية الشريعة -عند المدخل- وذهبت لاكمل حياتي كأي طالب أسمى هدف له أن ينهي الاختبارات النهائية بنجاح!! 

في مرحلة الثانوية(التوجيهي) بدأت أرى بوادر ونوادر فكريّة لمَ لا أكون شيئاً فعكفت جاهداً ورفعت راية الإرادة والعزم أن أتخطاها وخاصة في تلك الفترة كان التضييق والتشديد وجدّ جده من يتخرج من الثانوية وبعد فصلين وكان لأحد المعلمين السبب في طمس بعض من إرادتنا وقد فشلت بامتحان اللغة الانجليزية واخفقت في كلٍ من الفصل الأول والثاني لكن كان لدي عزيمة أنفض بها غُبار الخروج والاستسلام فنهضت وقدمت المادتين والامتحانان مع بعضهما ونجحت بتوفيق الله ، وهنا نأتي للمفصل الأهم والأصعب..البحث والتقديم للجامعات لكن المضحك بالأمر مازلت بلا هدف ! فلا أدري أي تخصص اختار وانتقيت ما ظهر وكان السبق لتخصصات الجامعة الأردنية (المصارف الإسلامية) وانتقيته مع كامل اليقين بالشك أني لن أحظى به -وأقول بعض أقاربي انت لست اهلاً للجامعة الاردنية "ورح اقص ايدي اذا بتدرس فيها"...- لكن ورحمة ربك خيرٌ ممّا يجمعون.

رزقني الله بهذا التخصص الذي لم اكن اسمع به طيلة حياتي ووٌفِقتُ لأنال فيه معدلٍ عالٍ بتقدير ممتاز وحصلت على مِنحة وكنت في تصنيف التنافس !! إن فضله كان عليك كبيراً! وتتابعت الأيام وما زلت مثل ما كنت دون هدف نعم اسعى لنيل أعظم وأعلى الدرجات لكن دون رؤيا صادقة أو واضحة! 

في يوم من الأيام، وفي مواقف متتالية بدأت استنير وأدرك دوري وقيمتي ومعرفة معنى أن الله يُسخّر كل الكون لأجل طالب العلم وتذكرت قول أحد الصالحين( طلبنا العلم لغير الله فأبى إلا أن يكون لله) وبارك الله أساتذتي في قسم المصارف الإسلامية وأبرزها أستاذ دكتور برتبة بروف ودكتورة قديرة جداً هما من وضعنا أبرز البصمة مع غيرهم في إدراك حسام من هو وما الهدف من خلقه وبعد ذلك أصبحت في السنة الثالثة وبدأت أدرك أني صاحب هدف ورؤيا لكن لا انكر تزعزعها في بعض الأحيان فعكفت على الخلوة بذاتي وكان من أول الكتب التي قرأتها (أربعون لأحمد الشقيري) ومن هذه النقطة بدأت بالتغير.

وبدأت إدراك مفاهيم كثيرة فعكفت على مصاحبة العلم والشغف والعشق به وبدأت ازرع في نفسي على الطمع بالعلوم وأن اغار على الله وأنه من أراد الدنيا فعليه بالعلم ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم ومن أرادهما فعليه بالعلم. 

وأدركت أن العزة والقوة وتحقيق المنال هو من الله فحاولت وبدأت برحلة البحث عن الله ! وفي هذه الأثناء كنت أؤمن بمقولة (أقرأ ولو كتاب طبخ!) وبدأت ببناء مكتبتي الخاصة والمتواضعة وهي تضم قرابة الستة عشر كتاباً مع مُلخصاتٍ لكتبٍ أخرى وعكفت على التحصيل والانانية بالعلم وحملت شعار نبينا موسى (لا أبرح حتى أبلغ) وفور وصولي للسنة الرابعة كنت مختلفاً تماماً عن ما سواها في الأعوام السابقة فكنت صاحب هدف وذو أدراك وعاكفاً على إخراج نفسي من جاهل مركّب إلى جاهل! 

وفي هذه الطريق كنت من أكثر الناس دفاعاً عن المصارف الإسلامية والاقتصاد الإسلامية لا على المؤسسات ذاتها وإنما على النظام والهيكلية والمنهج فما هو بدين من لا يُقر للمال في تشريعاته نصيب فاستقيتُ أن الاقتصاد الإسلامي هو جزء من عقيدة دينية. وعكفت قرابة السبعة أشهر في كتابة مشروع التخرج بعنوان (معوقات الرقمنة في المصارف الإسلامية)الذي هو الآن في غرار النشر في موسوعة سكوبس العالمية وكنت قد أحرزت فيه سبقاً علمياً، ثم نظراً لمعرفتي القليلة ومن باب حبي وعملى على تبليغ ما أعلم خرجت بفقرة (ملح اقتصادي) منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي للحديث عن الاقتصاد التقليدي والإسلامي وتمّت مقابلتي على اذاعة المملكة الاردنية الهاشمية ثم بعد ذلك مقرراً لدورة في أحد أكبر المؤتمرات والاتحادات في العالم العربي ثم نشر بحث بعنون (أزمة كورونا الاقتصادية) ووضعت حلول للتغلب على الأزمة وقد انتشر في مجلة ريحان المدرجة في مكتبة الكونجرس الامريكي وجامعة عجمان وموقع المعرفة ومؤخراً في دار المنظومة، والآن وبفضل الله اصبحت عضواً في أكثر من 4 جمعيات وفي اتحادين وكاتباً ومحرراً في موقعين اقتصاديان وكل ذلك بفضل الله ثم بسواعد من كان داعماً لي بدعاء أمي وبنور شيبة أبي. 

 

أخبرنا لنستفيد!

ما الأمور التي تعتقد أنه يجب عليك تركها كي تحقق حلمك؟
 

كتابة وتدقيق: منى الحجايا

هل كانت هذه المقالة مفيدة؟

التعليقات (0)

user logo
0 / 200